الفصل 039 : هل تجدني فاتنة يا أورين؟

------------------------------------

بعد مرور بضع ساعات...

حل المساء وقاربت الشمس على الغروب وكان (أورين) يتمشى إلى المنزل بعد أن أمضى بعد الظهيرة بأكملها في المكتبة يدرس. فظل يفكر في علاقته مع (ريبيكا) والتي لم تعد تعطيه دروساً خاصة، مما جعله يبدأ الدراسة لوحده.

وبينما كان ذهنه شاردا بالتفكير في معلمته، حتى نادى عليه صاحب متجر كان (أورين) قد مر بجانبه، وقال له:

"هاي، أنت! .. إلى أين أنت ذاهب وتبدو حزينًا جدًا؟ .. هل غضبت منك فتاة ما؟"

ضحك (أورين) بعفوية وأجابه: "أجل، هاها، شيء مثل ذلك."

فقال له صاحب المتجر: "لا تقلق! لدي الحل! فقط أعطِها واحدة من الورود خاصتي وسوف تسامحك مهما كان الشيء الذي قمت به!"

رد عليه (أورين) ساخراً: "أفعل هذا فقط، هاه؟"

صاحب المتجر: "نعم ذلك فقط! فأنا لدي أزهار سحرية فقط. والباقة جزء من العرض الذي أقدمه لك!"

ظل (أورين) يفكر بجدية حول ذلك الأمر، هل يجب عليه أن يشتري لها بعض الورود حتى يعتذر؟ وهو لا يزال يتذكر بأنها قالت أنها تحب الأزهار، ولكنه يعلم أيضاً بأنها قالت له بأن يتوقف عن ذكر ما حدث بينهم... وفكر باحتمالية أنه قد يجعل الأمور بينهم أكثر سوءًا.

لكنه لم يستطع التردد، وقرر أن يشتري باقة من الورود من أجلها، وحينها إن حدث أي شيء فسوف يتقبله بصدر رحب، فقال له مبتسما:

"أتعلم ماذا؟ حسنا، أعطني واحدة من تلك الباقات!"

فقال له صاحب المتجر مبتسما هو الآخر: "قرار جيد! إنها بـ25$!"

عندما سمع (أورين) ذلك المبلغ اختفت ابتسامته وضيق عينيه وقال له متذمرا:

"25 دولار لعينة؟ اعتقدت بأن الباقة جزء من ثمن الورود؟"

رد عليه صاحب المتجر: "إنهم كذلك! ولكنني أبحث عن لقمة العيش يا صاح، أنا فقط مجرد رجل عامل."

فاستمر (أورين) بالتذمر: "أنت مخادع ذكي، هذا ما أنت عليه..."

***

في نفس الوقت كانت (ريبيكا) موجودة في قاعة الأساتذة لوحدها جالسة على مكتب وتكتب على لوحة مفاتيح حاسوبها المحمول، حتى مرت هنيهة من الزمن وقالت بعد أن استلقت على كرسها إلى الخلف: "و.... لقد انتهيت."

فغيرت وضعية جلوسها على كرسي المكتب وأغلقت حاسوبها المحمول، وتنهدت ثم قالت مع نفسها:

"وأخيرا أنتهيت... أنا الأستاذة الوحيدة الذي ظلت بالمدرسة."

فقامت من مكانها وبدأت تمدد ذراعيها وهي تقول:

"هممممم... لقد تأخر الوقت. يجب عليّ أن أكون بالمنزل منذ ساعتين من الآن ولكن لا~...."

ثم غيرت وضعيت وقوفها وكأنها تمثل بما أمرها مدير المدرسة وغلضت صوتها قائلة:

"آنسة (ويلسون)... يجب أن تكملي هذا الملف اليوم... فأنا أشعر بالمرارة لذا فسوف أفسد عليك يومك... آنسة (ويلسون) يجب عليك أن....."

لم تكمل كلامها حتى سمعت صوتاً ذكورياً غليظاً يناديها من الخلف: "آنسة (ويلسون)..."

فاتسعت حدقتا عينيها وشعرت بقشعريرة ثم استدارت بسرعة واعتدلت في وضعية وقوفها وقالت بكل احترام: "الـ-المدير (جونسون)!"

كان ذلك هو مدير المدرسة، شخص بدين يرتدي بدلة سوداء مع حذاء أسود وربطة عنق حمراء ووجهه يبدو وكأنه تم لسعه من طرف النحل، على الرغم من أن ذلك هو وجهه الحقيقي فعيناه صغيرتان جداً.

فقال لها: "لماذا أنتِ واقفة هناك؟ سأفترض بأنكِ أنهيتِ عملك."

أجابته: "أجل، هذا صحيح!"

المدير: "إذن فلماذا لا تزالين هنا؟ يجب علينا أن نغلق الأبواب بعد نصف ساعة من الآن."

ريبيكا: "أنا فقط يجب أن أجمع أشيائي وسوف أغادر!"

فقال لها المدير بنبرة قوية: "إذن أسرعي!"

ثم خرج من القاعة فور صياحه بها بتلك الطريقة، وفور اغلاقه للباب ورائه ظلت (ريبيكا) تسبه وتلعنه مرارا وتكرارا. حتى شعرت بهاتفها يهتز في جيبها، فأخرجته وأجابت: "مرحبا؟"

"مرحبا حبيبتي..."

ابتسمت (ريبيكا) حين سمعت صوته وقالت:

"(دايفيد)! حبيبي! أنا سعيدة جدا لأنك اتصلت بي! أنا حقا أمرّ بيوم عصيب... هل أردت أن تقول لي شيئاً؟"

دايفيد: "أردتكِ فقط أن تعرفي أنه على الأرجح بأني سوف أتأخر على العشاء اليوم بسبب العمل..."

شعرت بالغيظ والحنق بسرعة وسألته: "مــاذا؟! مجدداً؟"

كان (دايفيد) في الجهة الأخرى لا يبدو آسفاً ولا مهتماً بما تشعر به (ريبيكا) حقاً، فقال لها بصوت تمثيلي ولكن بوجه بارد دون مشاعر حقيقية: "أنا آسف... إنه فقط ال...."

لكن (ريبيكا) قاطعته قبل أن يكمل كلامه، وقالت له بغضب:

"لا تحتاج لإخباري بأي أعذار يا (دايفيد)، فأنا غير مهتمة. لقد سمعت كل أعذارك لدرجة أنني حفظتهم."

ظل (دايفيد) صامتاً لوهلة وكان يبدو على أنه فقط يجبر نفسه على مواساتها وإعطائها وعوداً كاذبة في كل مرة. فقال لها بعد أن تنهد بصمت:

"أعلم بأنني كنت مجنوناً مؤخراً بالعمل ولكن بعد هذا....."

لم تترك له (ريبيكا) مجدداً المجال حتى يعتذر بنفس الأعذار القديمة لأنها كما قالت له حفِظَتهم بعد سماعها مرارا وتكرارا، فقالت له: "سينتهي كل ذلك بعد أسابيع قليلة من الآن، أجل، أنا أعلم.."

ثم تنهدت مطولا وقالت بنبرة خيبة أمل كبيرة: "الوداع يا (دايفيد)."

دايفيد: "(ريبيكا)، مهلا! أنا... (ريبيكا)؟ مرحبا؟" أطلق تنهيدة طويلة بعد أن أقفلت عليه الخط، ثم ظل صامتا.

كان (دايفيد) في ذلك الوقت موجوداً في الزقاق الموجود بجانب الجسر هو وشخص آخر كان مخفيا تحت ظل أحد البنايات، فحدثه ذلك الشخص:

"هل إنتهيت؟ لقد أهدرنا وقتًا كافيًا بالفعل."

ثم استدار إليه (دايفيد) وقال له بكل احترام: "أجل، سيدي. هل وجدتَ أي شيء؟"

فأجابه: "لا، ولكنه قد كان هنا من قبل. نحن نقترب. والخائن سوف يدفع الثمن غالياً. ماذا بشأن ذلك الفتى الذي قلت لك أن تجده؟"

دايفيد: "لقد بحثت في كل مدرسة في مدينة بريستول ولا يوجد أي شخص باسم (بيتر) يطابق بيانات المدارس هناك."

كان ذلك الشخص يفكر، ويتمشى نحو (دايفيد) بينما يحك ذقنه الملحتي ويقول: "همممم.."

حتى اتضح بأنه هو (مولوخ) الرجل الأسمر، يرتدي سترة مضادة للرصاص فوق بدلته السوداء مع حذاء أسود وربطة عنق حمراء. وكانا الإثنان واقفَين بجانب البرميل الصدئ الذي كان يقف بجانبه (آشماداي) تلك المرة عند لقائه بـ(أورين) وأخواته.

فقال له (دايفيد): "ربما ابنتك قد أعطتك معلومات خاطئة."

نظر إليه بخيبة أمل وقال بصوت خانق:

"أو ربما كَذِبَت عليّ......"

فتنهد ثم أكمل: "لنذهب يا (دايفيد)، لدينا الكثير للقيام به."

أجابه (دايفيد) باحترام كبير: "أجل، سيدي."

***

ظلت (ريبيكا) تفكر كثيراً حول ما حدث للتو مع (دايفيد) وهي تبدو منزعجة لأنه دائما ما يتصرف معها بأنانية. فرفعت يدها اليسرى وبدأت تنظر إلى خاتم الخطوبة بعد أن تغيرت ملامحها إلى ملامح حزن وضيق صدر وهي تقول مع نفسها:

(هل أنا حقا سوف أتزوج برجل هو حتى لا يلمسني؟ برجل لا يستمع إليّ ولا يعطيني وقتاً؟ ... لم أعد أعرف ماذا أفعل بعد الآن...)

في تلك اللحظة سمعت صوت باب القاعة يفتح ببطئ، فظنت بسرعة بأنه المدير مجدداً قد أتى حتى يزعجها ويفسد عليها ما تبقى من يومها قبل أن تغادر، فقالت بصوت مرتفع وبغضب وهي لم تعد تفكر بشكل سليم بعد ما حدث قبل قليل مما جعل مشاعرها مضطربة:

"لقد قلت لك بأني سوف أجمع أشيائي اللعينة! لذا فيمكنك...."

حتى تفاجأت من الشخص الذي دخل عليها فلم تكمل كلامها وصمتت لوهلة ثم قالت مستغربة مخاطبة له:

"...(أورين)؟"

كان (أورين) قد عاد مباشرة بعد شرائه لباقة الورود تلك إلى المدرسة حتى يقدمها إلى (ريبيكا) معتذراً إليها، إما في تلك اللحظة وإما فلا. وقبل أن يتحدث إليها بلع ريقه ثم رفع يده التي تمسك باقة من أزهار عباد الشمس الجميلة نحوها وقال:

"اهمم... أنا أعلم بأنكِ لا تريدين التحدث معي ولكن... رأيت باقة زهور عباد الشمس هذه وتذكرتك في مرة من المرات قلتِ بأنهم الأزهار المفضلة لديك و... فكرت بأنها ستكون طريقة جيدة لكي أعتذر، لذا... اهمم... أنا آسف و... لن أزعجك بعد الآن!"

فتوقف لوهلة بعد أن توقفت الكلمات من التدفق إلى لسانه، ثم قال:

"لذا... أجل، هذا كل ما لدي لأقوله."

لم تجد (ريبيكا) ما تقول ونظرة مختلطة المشاعر قد ظهرت على وجهها، مما جعل (أورين) يشعر بالإحراج وفكر بأنه على الأغلب قد جعل الأمور أسوء أكثر من السابق. فقال بإحباط بعد أن حدر رأسه:

"اهمم... سوف أذهب الآن. أراكِ غـد........"

في تلك اللحظة لم تترك (ريبيكا) لـ(أورين) المجال ليكمل كلمته الأخيرة قبل أن يغادر، واندفعت إليه بسرعة لتحتضنه بقوة وقبلته مباشرة.

لم يفهم (أورين) ماذا يحدث ولكنه لم يستطع مقاومة تلك القبلة من شخص أصبح يحبه مع مرور الوقت، فطالت تلك القبلة لعدة ثوان ثم ابتعدت (ريبيكا) ببطئ وظلوا ينظرون إلى بعضهم البعض، فاختفت حينها كل تلك المشاعر السيئة والسامة التي تكونت لديها بسبب (دايفيد) وأصبح وجهها مشرقاً بابتسامة جميلة وساحرة. فسألها (أورين) وهو محتار:

"مـ-ماذا؟... (ريبيكا)؟ ما كان هذا؟"

لم تكترث (ريبيكا) لدهشة وحيرة (أورين) وسألته هي الأخرى:

"هل تجدني فاتنة، يا (أورين)؟"

لم يفهم (أورين) وبدا وكأن عقله قد توقف عن العمل بعد تلك القبلة المفاجئة:

"ماذا؟"

ريبيكا: "فقط أجبني."

بلع (أورين) ريقه وقال لها وهو يبتسم بارتباك: "أيُّ رجلٍ بكل قواه العقلية لن يجدك فاتنة؟"

حينها بدأت ترفع قميصها ببطئ حتى بدأت بطنها تظهر شيئاً فشيئاً، وهي تقول:

"لذا... هل تريدني؟"

أجاب مرتبكا: "أجل أنا أ-أريدك..."

فسألته مجدداً وهي تعض شفاتها: "أخبرني بمدى رغبتك بي؟"

فأجابها (أورين) بعد أن رفع يديه معبرا لما يقول: "أريدك أكثر من أي شيء في حياتي."

وفي تلك اللحظة بدأت (ريبيكا) تخلع ملابسها أمامه وهي تبدو مطمئنة وسعيدة.

يتبع..

2022/02/07 · 105 مشاهدة · 1382 كلمة
نادي الروايات - 2024